فأخوتي في الله،،،
والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إني أحبكم في الله..
(وأسأل الله جل جلاله أن يجمعنا بهذا الحب في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله،
اللهم اجعل عملنا كله صالحًا، واجعله لوجهك خالصًا، ولا تجعل فيه لأحد
غيرك شيئًا)
بقول الحق سبحانه الحق: { فَٱلصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ } ..
والمرأة الصالحة هي المرأة التي استقامت على المنهج الذي وضعه لها من خلقها في نوعها، فما دامت هي صالحة تكون قانتة،
والقنوت هو دوام الطاعة لله، ومنه قنوت الفجر الذي نقنته، وندعو ونقف مدة أطول في الصلاة التي فيها قنوت.
والمرأة القانتة خاضعة لله، إذن فحين تكون خاضعة لله تلتزم منهج الله وأمره فيما حكم به من أن الرجال قوامون على النساء،
{ فَٱلصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ } وحافظات للغيب تدل على سلامة العفة.
فالمرأة حين يغيب عنها الراعي لها والحامي لعرضها كالأب بالنسبة للبنت
والابن بالنسبة للأم، والزوج بالنسبة للزوجة، فكل امرأة في ولاية أحد لا
بد أن تحفظ غيبته؛ ولذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم حينما حدد المرأة
الصالحة قال في حديث عن الدنيا:
" الدنيا كلها متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة ".
لقد وضع صلى الله عليه وسلم قانوناً للمرأة الصالحة يقول فيه:
" خير النساء التي تسرّه إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره ".
وأي شيء يحتاج الرجل إليه أحسن من ذلك. وكلمة " إن نظرت إليها سرّتك "
إياك أن توجهها ناحية الجمال فقط، جمال المبنى، لا، فساعة تراها اجمع كل
صفات الخير فيها ولا تأخذ صفة ولا تترك صفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم
حذرنا من أن نأخذ صفة في المرأة ونترك صفة أخرى، بل لا بد أن نأخذها في
مجموع صفاتها فقال:
" تنكح المرأة لأربع: لما لها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك ".
المطلوب ألا تنظر إلى زاوية واحدة في الجمال، بل انظر إلى كل الزوايا،
فلو نظرت إلى الزاوية التي تشغل الناس، الزاوية الجمالية، لوجدتها أقل الزوايا بالنسبة إلى تكوين المرأة؛..لماذا.؟
لأن عمر هذه المسألة " شهر عسل " - كما يقولون - وتنتهي، ثم بعد ذلك تبدو المقومات الأخرى.
فإن دخلت على مقوم واحد وهي أن تكون جميلة فأنت تخدع نفسك، وتظن أنك تريدها سيدة صالون!
ونقول لك: هذه الصفة أمدها بسيط في عمر الزمن، لكن ما يبقى لك هو أن تكون أمينة، أن تكون مخلصة، أن تكون مدبرة؛
ولذلك فالفشل ينشأ في الأسرة من أن الرجال يدخلون على الزواج بمقياس واحد هو مقياس جمال البنية،
وهذا المقياس الواحد عمره قصير، يذهب بعد فترة وتهدأ شِرَّته. وبعد ذلك تستيقظ عيون الرجل لتتطلع إلى نواحي الجمال الأخرى،
فلا يجدها. فيحدث الفشل؛ لذلك لا بد أن تأخذ مجموعة الزوايا كلها. إياك أن
تأخذ زاوية واحدة، وخير الزوايا أن يكون لها دين. وكذلك المقياس بالنسبة
لقبول المرأة للزوج، أيضاً خير الزوايا أن يكون له دين،
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
" إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ".
وعندما استشار رجل سيدنا الحسن بن علي - رضي الله عنهما -
قال: زَوّجها من ذي الدين، إن أحبها أكرمها، وإن كرهها لم يظلمها.
إذن فالدين يرشدنا: لا بد أن ننظر إلى المسألة التي سيكون لها عمر طويل في الحياة الممتدة،
وبعد ذلك إذا أرادت أن تكون ناجحه فعليها أن ترى إطار نوعيتها وتنبغ فيه،
ومن الممكن إن كان عندها وقت أن توسع دائرة مهمتها في بيتها،
فإذا كان عندها أولاد فعليها أن تتعلم الحياكة وتقوم بتفصيل وحياكة ملابسها وملابس أولادها فتوفر النقود،
أو تتعلم التطريز كي لا تدفع أجرة، أو تتعلم التمريض حتى إذا مرض ولدها استطاعت أن تمرضه وترعاه،
أن تتعلم كي تغني عن مدرس خصوصي يأخذ نقوداً من دخل الأسرة،
وإن بقي عندها وقت فلتتعلم السباكة لتوفر أجرة السباك إذا فسد صنبور ماء، أو تتعلم إصلاح الكهرباء لتصلح مفتاح الإضاءة.
وتستطيع المرأة أن تقوم بأي عمل وهي جالسة في بيتها وتوفر دخلا لتقابل به
المهام التي لا تقدر أن تفعلها، والمرأة تكون من " حافظات الغيب " ليس
بارتجالٍ من عندها أو باختيار، بل بالمنهج الذي وضعه الله لحفظ الغيب؟
فما المنهج الذي وضعه الله لحفظ الغيب؟
تحافظ على عرضها وعلى مال زوجها في غيبته، فتنظر المنافذ التي تأتي منها الفتنة وتمتنع عنها،
لا تخرج إلى الشوارع إلا لحاجة ماسة أو ضرورة كي لا ترى أحداً يفتنها أو يفتن بها؛
لأن هذه هي مقدمات الحفظ، ولا تذهب في زحمة الحياة،
وبعد ذلك نقول لها: " حافظي على الغيب "
بل عليها أن تنظر ما بيّنه الله في ذلك. فإن اضطررت أن تخرجي فلتغضي البصر؛ ولذلك قال سبحانه:
{
وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ
فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا }
[النور: 31].
فالمرأة إن لم تغض النظر يحدث التفات عاطفي؛ لأن كل شعور في الإنسان له ثلاث مراحل:
مرحلة أن يدرك، ومرحلة أن يجد في نفسه، ومرحلة أن ينزع، أي يحول الأمر إلى سلوك،
ونضرب دائماً المثل بالوردة. وأنت تسير ترى وردة في بستان وبمجرد رؤيتك
لها فهذا إدراك، وإذا أعجبتك الوردة وعشقتها وأحببتها فهذا اسمه وجدان.
وإذا اتجهت لتقطفها فهذه عملية نزوعية، فكم مرحلة؟ ثلاث مراحل: إدراك، فوجدان. فنزوع.
ومتى يتدخل الشرع؟ الشرع يتدخل في عملية النزوع دائماً. يقول لك: أنت نظرت
الوردة ولم نعترض على ذلك، أحببتها وأعجبتك فلم نقل لك شيئاً، لكن ساعة
جئت لتمدّ يدك لتأخذها قلنا لك: لا، الوردة ليست لك.
إذن فأنت حرّ في أن تدرك، وحرّ في أن تجد في نفسك، إنما ساعة تنزع نقول
لك: لا، هي ليست لك، وإن أعجبتك فازرع لك وردة في البيت، أو استأذن صاحبها
مثلاً.
إذن فالتشريع يتدخل في منطقة النزوع، إلا في أمر المرأة فالتشريع يتدخل من أول الإدراك؛
لأن الذي خلقنا علم أننا إن أدركنا جمالاً، نظرنا له، وستتولد عندنا
مواجيد بالنسبة للأشياء التي نراها ونشتهيها، وساعة يوجد إدراك واشتهاء،
لا يمكن أن ينفصل هذا عن النزوع؛
لأنك - كرجل - مركب تركيباً كيميائياً بحيث إذ أدركت جمالاً ثم حدث لك
وجدان واشتهاء، فالاشتهاء لا يهدأ إلا بنزوع، فيبيّن لك الشرع: أنا رحمتك
من أول الأمر، وتدخلت من أول المسألة.
وكل شيء أتدخل فيه عند النزوع إلا المرأة فقد تدخلت فيها من أول الإدراك؛ لذلك أمر الحق الرجل أن يغض البصر، وكذلك أمر المرأة.
لماذا؟ لأنك إن أدركت فستجد، وإن وجدت فستحاول أن تنزع ونزوعك سيكون عربدة
في أعراض الناس، وإن لم تنزع فسيبقى عندك كبت؛ لذلك حسم الحق المسألة من
أولها قال:
{
قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ
فُرُوجَهُمْ ذٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا
يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ
وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ }
[النور: 30-31].
فامنعو المسألة من أول مراحلها لماذا؟ ..وده اللى نكمله معكم فى القادم ان شاء الله