مكتبة الاسكندرية هى احدى عجائب الدنيا التى وجدت فى مصر أثناء الفترة المعروفة بالحقبة الهللينية ، وقد اعتبرت مكتبة الاسكندرية القديمة مركزاً ثقافياً للعالم العربى والغربي لعدة قرون ، انشأها خلفاء الأسكندر منذ أكثر من ألفي عام لتضم أكبر مجموعة من الكتب في العالم القديم والتي وصل عددها آنذاك إلي 700 ألف مجلد ، وقد بدأت قصة مكتبة الاسكندرية على يد الملك بطليموس الأول الذى تولي حكم مصر خلفا للإسكندر ، والذى يأخذ قرارا بأن تكون مدينة الاسكندرية التي بناها الإسكندر مدينة عالمية للفكر والمعرفة عن طريق بناء (الموسيون) وهو مركزا للبحث العلمي عبارة عن بيت فسيح به كل متطلبات الحياة اليومية يستقطب فيه علماء العالم ومفكريه ويجزل لهم العطاء حتي يتفرغوا للعلم والبحث والإنتاج الفكري ، ثم يبني مكتبة الاسكندرية لتكون مكملة للموسيون وخادمة لعلمائه وذلك فى عام295 ق.م .
درس فيها كبار العلماء مثل إقليدس وأرشميدس ودينوقراط وارستاطين وكاليماخوس وديمترويوس بالإضافة إلي إيراتوثيوس أول من قام بحساب قطر الأرض وغيرهم.
وقد احترقت المكتبة ووجه المؤرخون اصابع الاتهام إلي يوليوس قيصر الذي أرسل سفنه الحربية عام 48 ق.م لتدمير سفن دولة البطالمة المرابطة بالمرفأ المجاور. ويعتقد البعض أن هذه السفن قد قصفت الحي الملكي بالمدينة عن طريق الخطأ.
وقد تبنت الدولة مشروع لاحياء مكتبة الاسكندرية فى نفس مكان المكتبة القديمة ، وقد طرحت فكرة إحياء المكتبة لأول مرة عام 1974 إلا أنها ظلت حبيسة الأدراج. ثم تجدد العرض مرة أخري في أواخر الثمانينات عندما اعلنت منظمة اليونسكو استعدادها للمساهمة في إحياء المكتبة. وعلي الفور أنشأ الرئيس المصري حسنى مبارك الهيئة العامة لمكتبة الأسكندرية .
وأجريت مسابقة دولية لتصميم المكتبة مقدارها ستون ألف دولار أمريكي وقد حصلت عليها شركة (سنوهيتا) للتصميمات المعمارية ومقرها أسلو بالنرويج بعدما حصلت على المركز الاول.
كما يعود لسيدة مصر الاولى السيدة سوزان مبارك الفضل الكبير فى خروج هذا المشروع العملاق للضوء وذلك عندما قامت فى اسوان عام 1990 بتجميع ملوك ورؤساء العالم ودعتهم للمشاركة في هذه الفكرة الانسانية العظيمة ، وتشغل السيدة سوزان مبارك منصب رئيس مجلس امناء المكتبة .
ويشمل تصميم المكتبة الجديدة أربعة مستويات تحت الأرض وستة طوابق علوية وهي مغطاة بغلاف بيضاوي ولقد أنشأ بالقرب منها قبة سماوية ومتحف علمي علي حصيرة ، وتعد قاعات القراءة العديدة المفتوحة هي السمة البارزة فى المكتبة حيث تضم 2500 قسم للقراءة تؤدي إلي سبعة شرفات. ولقد تم تخزين الكتب أسفل هذه الشرفات لتسهيل الحصول عليها.
وقد صمم المبنى ليعيش لأكثر من 200 عام إلا أن هناك بعض المخاوف والشكوك من عدم إمكانية تحقيق تلك الفترة الزمنية نظراً لقرب موقع المكتبة من ساحل البحر الأبيض المتوسط والتى لا يفصلها عنه سوى 40 متر فقط لا غير.
ولقد استغرق العمل بالمكتبة فترة طويلة حيث بدأت الأبحاث الأثرية عام 1992 وبدأ التشييد فى 1995 وتم الانتهاء من البنايات العلوية للمكتبة في فبراير عام 1999 وقد افتتحت المكتبة فى 16 أكتوبر 2002 ليحفر هذا اليوم فى تاريخ الحضارة الانسانية .
ولان مثل هذا الصرح الحضارى الكبير يحتاج الى أموال كثيرة لانشائه لذلك فقد استعانت الحكومة المصرية بتدعيم اليونيسكو فى المسائل الفنية المتعلقة بتشغيل المكتبة والحصول علي الكتب ، أما أعمال التأسيس فجاءت وفق مشروع مشترك بين شركات ايطالية وشركة المقاولون العرب المصرية ، وبالنسبة لأعمال التشطيبات فتم تنفيذها بالاشتراك بين كل من شركة المقاولون العرب المصرية وإحدى شركات البريطانية .
وقد افتتح الرئيس مبارك فى يوم 16 اكتوبر هذا الصرح الحضارى الكبير الذى سينير بالعلم الطريق لطالبى العلم والمعرفة وسط احتفال مصري وعالمي ، وشارك فى الاحتفال حشد من قادة العالم وأكثر من800 شخصية دولية سياسية وفكرية على راسهم الرئيس الفرنسي جاك شيراك والرئيس اليوناني قسطنطين استيفانو والملكة صوفيا ملكة إسبانيا والأمير ترك بن عبدالعزيز والأمير كريم أغاخان .